ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير وترجعوا برسول الله إلى رحالكم؟

 كانت غزوة حنين بعد فتح مكة مباشرة، وذلك أن بعض العرب قد أجمعوا أمرهم لقتال النبي ﷺ ، فلما فتح الله على المسلمين وكثرت الغنائم، وزع أغلبها على القرشيين وحديثي الإسلام من سادة قريش وقبائل العرب ليؤلف قلوبهم.

حتى وجد الأنصار من ذلك في أنفسهم فقالوا: ما نرى محمدا إلا أنه قد فتح الله عليه بلده، ولقي قومه!

وفي كتب السيرة.

عن أبي سعيد الخدري. قال: لما أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أعطى من تلك العطايا (يوم حنين)، في قريش وفي قبائل العرب ولم يكن في الأنصار منها شيء وجد هذا الحي من الأنصار في أنفسهم؟ حتى كثرت منهم القالة حتى قال قائلهم: لقد لقي والله رسول الله قومه! (أي أن النبي استغنى عنا بقومه).

فدخل عليه سعد بن عبادة، فقال: يا رسول الله، إن هذا الحي من الأنصار قد وجدوا عليك في أنفسهم، لما صنعت في هذا الفيء (الغنائم) الذي أصبت، قسمت في قومك، وأعطيت عطايا عظاما في قبائل العرب، ولم يك في هذا الحي من الأنصار منها شيء.


قال: فأين أنت من ذلك يا سعد؟ قال: يا رسول الله، ما أنا إلا من قومي.

 قال: فاجمع لي قومك في هذه الحظيرة. 

قال: فخرج سعد ، فجمع الأنصار في تلك الحظيرة.

 قال: فجاء رجال من المهاجرين فتركهم فدخلوا، وجاء آخرون فردهم. 

فلما اجتمعوا له أتاه سعد فقال: قد اجتمع لك هذا الحي من الأنصار، فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله.

 ثم قال: يا معشر الأنصار: بلغتني عنكم، وجدة (حرج) وجدتموها علي في أنفسكم؟

 ألم آتكم ضلالا فهداكم الله ، وعالة فأغناكم الله ، وأعداء فألف الله بين قلوبكم؟

 قالوا: بلى، الله ورسوله أمن وأفضل.

ثم قال: ألا تجيبونني يا معشر الأنصار؟ 

قالوا: بماذا نجيبك يا رسول الله؟ لله ولرسوله المن والفضل.

 قال صلى الله عليه وسلم: أما والله لو شئتم لقلتم ، فلصدقتم ولصُدقتم: أتيتنا مكذبا فصدقناك، ومخذولا فنصرناك، وطريدا فآويناك، وعائلا فآسيناك!

أوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم في لعاعة (متاع) من الدنيا تألفت بها قوما ليسلموا، ووكلتكم إلى إسلامكم.


ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير

 وترجعوا برسول الله إلى رحالكم؟ 

فوالذي نفس محمد بيده، لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار، ولو سلك الناس شعبا وسلكت الأنصار شعبا، لسلكت شعب الأنصار. 

اللهم ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار. وأبناء أبناء الأنصار.


قال : فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم ، وقالوا : رضينا برسول الله قسما، وحظا. ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتفرقوا.

اللهم صل على محمد وأصحابه وذريته ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سورة الكهف مكتوبة - فضل سورة الكهف ليس قصرا على وقت بعينه

سورة تبارك ، سورة الملك : تَبارَكَ الَّذي بِيَدِهِ المُلكُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ

سورة الكهف - تِلْكَ السَّكِينَةُ تَنَزَّلَتْ بِالْقُرْآنِ