لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا


 

﴿لا تَجعَلوا دُعاءَ الرَّسولِ بَينَكُم كَدُعاءِ بَعضِكُم بَعضًا قَد يَعلَمُ اللَّهُ الَّذينَ يَتَسَلَّلونَ مِنكُم لِواذًا فَليَحذَرِ الَّذينَ يُخالِفونَ عَن أَمرِهِ أَن تُصيبَهُم فِتنَةٌ أَو يُصيبَهُم عَذابٌ أَليمٌ﴾ [النور: ٦٣]

﴿لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا﴾ أي: لا تجعلوا دعاء الرسول إياكم ودعائكم للرسول كدعاء بعضكم بعضا، فإذا دعاكم فأجيبوه وجوبا، حتى إنه تجب إجابة الرسول صلى الله عليه وسلم في حال الصلاة، وليس أحد إذا قال قولا يجب على الأمة قبول قوله والعمل به، إلا الرسول، لعصمته، وكوننا مخاطبين باتباعه، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾ وكذلك لا تجعلوا دعاءكم للرسول كدعاء بعضكم بعضا، فلا تقولوا: " يا محمد " عند ندائكم، أو " يا محمد بن عبد الله " كما يقول ذلك بعضكم لبعض، بل من شرفه وفضله وتميزه صلى الله عليه وسلم عن غيره، أن يقال: يا رسول الله، يا نبي الله.

﴿قَدْ يَعْلَمُ الله الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا﴾ لما مدح المؤمنين بالله ورسوله، الذين إذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه، توعد من لم يفعل ذلك وذهب من غير استئذان، فهو وإن خفي عليكم بذهابه على وجه خفي، وهو المراد بقوله: ﴿يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا﴾ أي: يلوذون وقت تسللهم وانطلاقهم بشيء يحجبهم عن العيون، فالله يعلمهم، وسيجازيهم على ذلك أتم الجزاء، ولهذا توعدهم بقوله: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ﴾ أي: يذهبون إلى بعض شئونهم عن أمر الله ورسوله، فكيف بمن لم يذهب إلى شأن من شئونه؟" وإنما ترك أمر الله من دون شغل له. ﴿أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ﴾ أي: شرك وشر ﴿أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾

- تفسير السعدي


--------------


﴿لا تَجعَلوا دُعاءَ الرَّسولِ بَينَكُم كَدُعاءِ بَعضِكُم بَعضًا قَد يَعلَمُ اللَّهُ الَّذينَ يَتَسَلَّلونَ مِنكُم لِواذًا فَليَحذَرِ الَّذينَ يُخالِفونَ عَن أَمرِهِ أَن تُصيبَهُم فِتنَةٌ أَو يُصيبَهُم عَذابٌ أَليمٌ﴾ [النور: ٦٣]

﴿لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا﴾ في معناها ثلاثة أقوال:

الأول: أن الدعاء هنا يراد به دعاء النبي صلى الله عليه وسلم إياهم ليجتمعوا إليه في أمر جامع أو في قتال وشبه ذلك، فالمعنى أن إجابتكم له إذا دعاكم واجبة عليكم بخلاف إذا دعا بعضكم بعضا، فهو كقوله تعالى: ﴿استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم﴾ [الأنفال: ٢٤]، ويقوي هذا القول مناسبته لما قبله من الاستئذان والأمر الجامع.

والقول الثاني: أن المعنى لا تدعوا الرسول عليه السلام باسمه كما يدعو بعضكم بعضا باسمه بل قولوا: يا رسول الله، أو يا نبي الله تعظيما ودعاء بأشرف أسمائه. وقيل: المعنى لا تحسبوا دعاء الرسول عليكم كدعاء بعضكم على بعض أي: دعاؤه عليكم يجاب فاحذروه، ولفظ الآية بعيد من هذا المعنى، على أن المعنى صحيح.

﴿قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا﴾ الذين ينصرفون عن حفر الخندق، واللواذ: الروغان والمخالفة، وقيل: الانصراف في خفية.

﴿فليحذر الذين يخالفون عن أمره﴾ الضمير لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، واختلف في ﴿عن﴾ هنا، فقيل: إنها زائدة وهذا ضعيف، وقال ابن عطية: معناه يقع خلافهم بعد أمره كما تقول: كان المطر عن ريح، قال الزمخشري: يقال: خالفه إلى الأمر إذا ذهب إليه دونه وخالفه عن الأمر إذا صد الناس عنه، فمعنى يخالفون عن أمره يصدون الناس عنه، فحذف المفعول لأن الغرض ذكر المخالف.

﴿فتنة أو يصيبهم عذاب أليم﴾ الفتنة في الدنيا بالرزايا أو بالفضيحة، أو القتل، أو العذاب في الآخرة.

- تفسير ابن جزي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سورة الكهف مكتوبة - فضل سورة الكهف ليس قصرا على وقت بعينه

سورة تبارك ، سورة الملك : تَبارَكَ الَّذي بِيَدِهِ المُلكُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ

سورة الكهف - تِلْكَ السَّكِينَةُ تَنَزَّلَتْ بِالْقُرْآنِ